فصل: قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} الآية (180):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى}:

وقال تعالى: {وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} وقال تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا} الآية..، وذلك يدل لأحد قولي الشافعي على الآخر، وهو أنه يتعين القود في العمد، لأنه تعالى قال: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} وحيث يتخير فالواجب أحد أمرين، فلا يجوز أن يقال إن القصاص واجب بالقول المطلق، بل الواجب أحد الأمرين.
مثاله أنه إذا قيل لنا: ما الواجب بالحنث في اليمين؟ فلا يجوز أن نقول إنه العتق أو الكسوة أو الإطعام، بل نقول: أحد هذه الخلال الثلاثة لا بعينه.
فإذا لم يكن المال واجبا بالقتل وجب القود على الخصوم.
وروي عن ابن عباس أنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: «من قتل في رمياء أو عمياء تكون بينهم بحجر أو بسوط أو بعصا فعقله عقل خطأ، ومن قتل عمدا فقود يده، ومن حال بينه وبينه فعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين».
ولو كان الواجب أحدهما لما اقتصر على ذكر القود دونهما، لأنه غير جائز أن يكون له أحد أمرين فيقتصر النبي عليه السلام بالبيان على أحدهما دون الآخر.
وعلى القول الآخر يحتج بقوله: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ}. الآية، وهذا يحتمل معاني:
أحدها: أن العفو ما سهل، قال اللّه تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ} يعني ما سهل من الأخلاق، وقال صلّى اللّه عليه وسلم: «أول الوقت رضوان اللّه، وآخره عفو اللّه» يعني تسهيل اللّه على عباده.

.وقال تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ}:

يعني الولي إذا أعطى شيئا من المال فليقبله وليتبعه بالمعروف وليؤد القاتل إليه بإحسان، فندبه اللّه تعالى إلى أخذ المال إذا تسهل ذلك من جهة القاتل، وأخبر أنه تخفيف منه ورحمة، كما قال عند ذكر القصاص في سورة المائدة، {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} فندبه إلى العفو والصدقة، وكذلك ندبه بما ذكر في هذه الآية إلى قبول الدية إذا بذلها الجاني، لأنه بدأ بذكر عفو الجاني بإعطاء الدية، ثم أمر الولي بالاتباع، وأمر الجاني بالأداء بإحسان.
وهذا خلاف الظاهر من وجهين:
أحدهما: أن العفو بعد القصاص يقتضي العفو عنه من مستحقه بإسقاطه.
والثاني: أن الضمير في {له} يجب أن ينصرف إلى من عليه القصاص، لأنه الذي تقدم ذكره في قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ} والولي لا ذكر له فيما تقدم حتى ينصرف الضمير إليه، إلا أنه يستظهر بظاهر قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ} وذلك يدل على أن القصاص هو المكتوب دون غيره.
التأويل الثاني: ما قاله ابن عباس قال: كان القصاص في بني إسرائيل ولم يكن فيهم الدية، فقال اللّه تعالى لهذه الأمة: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى} إلى قوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ}.
قال ابن عباس: فالعفو أن يقبل الدية في العمد، {فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ} قال: على هذا أن يتبع بالمعروف، وعلى هذا أن يؤدي بإحسان، {ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} فيما كان كتب على من قبلكم، {فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ} قال: ذاك بعد قبوله الدية، فأخبر ابن عباس أن الآية نزلت ناسخة لما كان على بني إسرائيل من حظر قبول الدية، وأباحت للولي قبول الدية إذا بذلها القاتل، تخفيفا من اللّه تعالى علينا، ورحمة بنا.
ولو كان الأمر على ما ادعاه مخالفنا من إيجاب التخيير لما قال: فالعفو بأن يقبل الدية، لأن القبول لا يطلق إلا فيما بذل له غيره، ولو لم يكن أراد ذلك لقال: إذا اختار الولي.
وكان المقصود بذلك أن الذي قاله اللّه تعالى أنه كتب لم يعن به أنه كتب على وجه لا يمكن إسقاطه برضا من كتب له مثل ما كان على بني إسرائيل، بل يجوز إسقاطه، فإذا جاز إسقاطه رغب في إسقاطه من جهة من عليه القصاص بالمال، فهذان معنيان.
المعنى الثالث للآية ما رواه سفيان بن حسين عن ابن أشوع عن الشعبي قال: كان بين حيّين من العرب قتال، فقتل من هذا ومن هذا، فقال أحد الحيين: لا نرضى حتى يقتل بالمرأة الرجل، وبالرجل الرجلين، وارتفعوا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم، فقال عليه السلام: القتلى بواء- أي سواء- فاصطلحوا على الديات، ففضل لأحد الحيين على الآخر، فهو قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ}. إلى قوله: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ}.
قال سفيان بن حسين: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} يعني فمن فضل له على أخيه شيء فليؤده بالمعروف، فأخبر الشعبي عن السبب في نزول الآية، وذكر سفيان أن العفو هاهنا الفضل، وهو معنى يحتمله اللفظ، قال اللّه تعالى: {ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا}.
يعني حتى كبروا فسمنوا، وقال صلى الله عليه وسلم: «أعفوا اللحى»، فتقدير الآية: فمن فضل له على أخيه شيء من الديات التي وقع الإصطلاح عليها فليتبعه مستحقه بالمعروف، وليؤد إليه بإحسان.
المعنى الرابع: أنهم قالوا في الدم بين جماعة إذا عفا عنهم تحول أنصباء الآخرين مالا، وقوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} يدل على وقوع العفو عن شيء من الدم لا عن جميعه، فيتحول نصيب الشركاء مالا، فعليهم اتباع القائل بالمعروف، وعليه أداؤه إليهم بإحسان.
والإتباع بالمعروف أن لا يكون بتشدد وإيذاء، وعلى المطلوب منه الأداء بإحسان، وهو ترك المطل والتسويف، {ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} أي جواز العفو على مال تخفيف، ولم يكن ذلك إلا لهذه الأمة، {فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ} أي قتل القاتل بعد أخذ الدية، {فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ}.
المعنى الخامس: أخذ ولي الدم المال بغير رضا القاتل، وهو أحد قولي الشافعي رحمه اللّه، فقيل لهؤلاء: العفو لا يكون مع أخذه، ألا ترى أن النبي عليه السلام قال: «العمد قود إلا أن يعفو الأولياء» فأثبت له أحد السببين من قتل أو عفو، ولم يثبت له مالا، فلئن قيل: إنه إذا عفا عن الدم ليأخذ المال كان عافيا وتناوله لفظ الآية، قيل له: لو كان الواجب أحد سببين لجاز أيضا أن يكون عافيا بتركه المال، وأخذ القود، فلا ينفك الولي في اختيار أحدهما من عقد قتل أو أحذ المال، وهذا بعيد.
ويجاب عنه بأن يقال: عفا لسقوط أثر المال في حق من عليه القود بالإضافة إلى القتل، وإذا عدل عن المال إلى القتل لم يظهر لإسقاط المال وقع، فلا يقال: عفا، فإن العفو يؤذن بتخفيف وترفيه عرفا، وإن كان العدول عن أحدهما إلى الآخر عفوا عن المعدول عنه، وإسقاطا له.
فقيل لهم: فهذا ينفيه الظاهر من وجه آخر، وهو أنه إذا كان الولي هو العافي بتركه القود وأخذه المال، فإنه لا يقال عفا له- وإنما يقال عفا عنه- إلا بتعسف، فيقيم اللام مقام عن، أو بحمله على أنه عفا له عن الدم، فيضم حرفا غير مذكور.
وعلى تأويل من يخالفه: العفو بمعنى التسهيل، وهو أن يسهل له القاتل إعطاء الأموال، كما يقال: سهل اللّه لك كذا ويسر لك، فيكون العفو بمعنى التسهيل من جهة القاتل بإعطائه المال، ولأن قوله: {مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} يقتضي التبعيض.
وعلى أحد قولي الشافعي هو عفو عن جميع الدم لا عن شيء منه، فمتى حمل على الجميع كان مخالفا مقتضى الكلام، وفي الحمل على كل محمل حيد عن الظاهر من بعض الوجوه، فلا يبعد أن يكون الجميع مرادا، فإن اختيار الدية يوجب إسقاط القصاص، حتى لو أراد العدول إليه بعده لا يجوز.
وشهد لأحد القولين قوله تعالى: {وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} الآية، وقوله صلّى اللّه عليه وسلم في قصة الربيع حين كسرت بنته جارية: «كتاب اللّه تعالى القصاص» أخبر أن موجب الكتاب القصاص، فإن قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ} محكم ظاهر المعنى.
وقوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} محتمل للمعاني والمتشابه يجب رده إلى المحكم.

.وقوله تعالى: {عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ}:

يدل على أن دية العمد على القاتل.

.وقال: {وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ} (179):

وذلك تنبيه على الحكمة في شرع القصاص، وإبانة الغرض منه، وخص أولي الألباب مع وجود المعنى في غيرهم لأنهم المنتفعون به، كما قال: {إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها}. وقال: {نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ} فأبان أنه منذر الجميع، ولكنه خص في موضع {من يخشاها} لأنهم المنتفعون بإنذاره، وقال: {هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} مع قوله في موضع آخر {هُدىً لِلنَّاسِ} لأن المتقين هم الذين ينتفعون به، وقال في قصة مريم: {قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} لأن المتقي هو الذي يعيذ من استعاذ باللّه تعالى.
وقوله: {وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ} يدل على مراعاة المماثلة في الجراح، على ما قاله الشافعي رحمه اللّه، وأن يفعل بالقاتل مثل ما فعله، فإن لم يمت وجب قتله، فإن القتل لابد منه قصاصا لأخذ النفس بالنفس فجمعنا بين قوله تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ} وبين قوله: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} وهذا أولى من طرح أحدهما.

.قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} الآية (180):

فقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ} يدل على وجوب الوصية، وقوله: {بِالْمَعْرُوفِ} أي بالعدل الذي لا شطط فيه ولا تقصير، كقوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} {وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}.

.وقوله: {حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ}:

يؤكد الوجوب.
ووردت أخبار عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم تدل على وجوب الوصية، فمنها ما رواه نافع عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: «ما حق امرئ مسلم له مال يوصي فيه، يمر عليه ليلتان إلا ووصيته عنده مكتوبة».
ثم اختلف الناس في وجوبها أولا:
فمنهم من قال: كان ذلك ندبا.
والصحيح أن ذلك كان واجبا.
وقال ابن عباس في قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ}. الآية. إنه منسوخ بقوله: {لِلرِّجالِ نَصِيبٌ} الآية، ورووا بطرق أنه صلّى اللّه عليه وسلم قال: «لا وصية لوارث».
فإن قيل: كيف جوزتم نسخ القرآن بأخبار الآحاد؟
فأجابوا: بأن ذلك لا يمتنع من طريق النظر في الأصول، فإن بقاء الحكم مظنون فيجوز أن ينسخ بمثله، وشرح ذلك في الأصول.
وقد قيل: إن الإجماع انعقد على تلقي هذا الخبر بالقبول، ومثل ذلك يجوز أن ينسخ به الكتاب.
وليس في إيجاب الميراث للورثة ما ينافي جواز الوصية لهم، لإمكان أن يجتمع الحقان للورثة بالطريقين، وإنما ينسخ الشيء ما ينافيه، واللّه تعالى لما جعل الميراث بعد الوصية فمن الذي يمنع من أن يعطي الوارث قسطه من الوصية، ثم يعطى الميراث بعدها؟
وقال الشافعي في كتاب الرسالة: يحتمل أن تكون المواريث ناسخة للوصية، ويحتمل أن تكون ثابتة معها، ثم قال: فلما روي عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم من طريق مجاهد- وهو منقطع- أنه قال: «لا وصية لوارث»، استدللنا بما روي عنه عليه السلام في ذلك أن المواريث ناسخة للوصايا بالوالدين والأقربين مع الخبر المنقطع.
أما قول الشافعي: يحتمل أن تكون المواريث ناسخة، فوجه الاحتمال أن الوصية إنما كانت واجبة لتعطي كل ذي حق حقه، من ماله بعد موته، فكان إثبات الحق للوارث في ماله لمكان القرابة، ثم كان يميل الموصي بقلبه إلى بعض الورثة ويقصر في حق بعض الورثة، فعلم اللّه تعالى ذلك منهم، فأعطى كل ذي حق حقه، ولهذا قال النبي عليه السلام: «إن اللّه لم يكل قسمة مواريثكم إلى ملك مقرب» الحديث، إلى أن قال: «ألا لا وصية لوارث»، فكان الميراث قائما مقام الوصية فلم يجز الجمع بينهما.
والذي ذكره الشافعي رحمه اللّه من أن ناسخه الخبر يعترض عليه من وجهين:
أحدهما: أنه منقطع وهو لا يقبل المراسيل.
الثاني أنه لو كان متصلا كان نسخ القرآن بالسنة وعنده أن ذلك غير جائز.
ثم قال الشافعي: قوله عليه السلام: «ألا لا وصية لوارث» لا ينفي الوصية أصلا للأقربين الذين لا يرثون ودل لفظ الكتاب عليهم ولم يرد ما يوجب نسخه.
وقال الشافعي: حكم النبي عليه السلام في ستة مملوكين أعتقهم رجل ولا مال له غيرهم، فجزّأهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ثلاثة أجزاء، فأعتق إثنين وأرق أربعة، والذي أعتقهم رجل من العرب، والعرب إنما تملك من لا قرابة بينهم وبينه من العجم، فأجاز لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم الوصية، فالوصية لو كانت تبطل لغير قرابته بطلت للعبيد المعتقين لأنهم ليسوا بقرابة للميت وبطلت الوصية للوالدين.
ويعترض على هذا بأنه يجوز أن يكون أمه أعجمية فيكونوا أقرباء من قبل أمه عجما فيكون العتق وصية لأقربائه، ولأن فيه نسخ القرآن بالسنة.
والذي يقال في ذلك: أن قوله: {وَالْأَقْرَبِينَ} ليس نصا في حق غير الوارث بل يجوز أن يكون قد عنى بالأقربين الوارثين منهم، فغاية ما في ذلك تخصيص العموم لا النسخ.
فيقال: اللفظ احتمل الوارث ونسخ، ويحتمل أن يقال: إن الناسخ له مطلق قوله: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ} ولم يعرف الوصية حتى ينصرف إلى المتقدم المذكور مثل قوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ} إلى قوله: {فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ} معرفا.
واستدل محمد بن الحسن على أن مطلق الأقربين لا يتناول الوالدين بهذه الآية، ولا خفاء لما فيه من الضعف.

.قوله تعالى: {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ} (181):

يدل على أن الفرض يسقط عن الموصي بنفس الوصية وإن أثم التبديل لا يلحقه.
ويدل أيضا على أن من كان عليه دين وأوصى بقضائه أنه قد سلم من تبعته في الآخرة، وإن ترك المعاصي والوارث قضاءه لا تلحقه تبعته.